بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
إن تحفيظ القرآن للأطفال من أسمى وأجل الأهداف التي يسعى المربي لتحقيقها مع أطفاله. فالقرآن كلام الله تعالى، ومعجزة النبي الخالدة على مر العصور، فيه هدى ونور وشفاء لما في الصدور. ولا أجمل من أن تُروى تلك القلوب الصغيرة بكلام الله تعالى لتشع نورًا في دياجير الظلمة.
ويحرص معظم الآباء والأمهات -باركهم الله- على تحفيظ أطفالهم سورًا من القرآن الكريم منذ الصغر، وتتنوع الأساليب في ذلك، فمنهم من يحاول تحفيظ الطفل بنفسه، ومنهم من يرسله إلى المسجد ليتعلم على يدِ شيخٍ متقن، ومنهم من يرسله إلى دور التحفيظ المنتشرة في أغلب البلدان... إلخ. وتبقى الثمرة والهداية بيد الله سبحانه وتعالى.
وقد جاءتني عدة أسئلة عن مصادر لتحفيظ جزء عمَّ -بالتحديد- للصغار، وأحسبُ أن هناك الكثير من الأخوات اللواتي استفضن في شرح هذه النقطة، ولكني سأحاول هنا أن أجمع بعضًا من الطرق والأفكار والمصادر المفيدة التي تعين كل أم على تحفيظ صغارها سور القرآن الكريم وخاصة جزء (عمَّ).
ويأتي السؤال الأول دائمًا: ولماذا البدء بجزء عمَّ؟!
هناك العديد من الأسباب وأهمها أن سور هذا الجزء قصيرة وسهلة الحفظ، ويشعر الصغار بالإنجاز كلما أنهوا سورة جديدة. و(هــــــنــــــــا) منشور مفصل للأخت الفاضلة الأستاذة يسرا جلال عن أسباب البدء بجزء عمَّ. ومع ذلك، فيمكن البدء بأي سورة أخرى غير سور جزء عمّ، ولكن من الأفضل أن يحفظ الطفل سور الفاتحة والإخلاص والمعوذتين في البداية.
ثم يأتي بعد ذلك سؤال آخر شائع وهو: ما السن الأفضل لبدء تحفيظ القرآن؟
من الجميل أن يبدأ الطفل بترديد بعض آيات القرآن متى ما تعلم الكلام، ولكن البدء بالحفظ المنهجي يكون في سن الثالثة تقريبًا، ويختلف الأمر -بالطبع- من طفلٍ لآخر. ولكن الأهم هو أن يرى الطفل دومًا (القدوة) الصالحة أمام ناظريه، فيرى اهتمام أبويه بالقرآن وتلاوته وحفظه ويستمع دومًا إلى تلاوة القرآن، ويسمع آيات القرآن تتلى دومًا في المنزل، المهم أن يألف الطفل سماع القرآن، ويألف رؤية من حوله في المنزل يهتمون بقراءة القرآن وتلاوته ليستشعر أهميته.
الأفكار العملية والمصادر:
- بداية رحلتنا مع القرآن الكريم:
في البداية تمامًا (وأثناء حملي بهما) كنت دائمًا أستمع إلى القرآن وأتلوه كثيرًا، وأحسب أنهما كانتا -في مرحلة الجنين- تنتبهان لهذا. وبعد الولادة، كنت أستغل وقت الرضاعة في قراءة وردي اليومي من القرآن الكريم، وهذا كان له أطيب الأثر بفضل الله تعالى في أن تألفا القرآن وتعتادا سماعه وتستشعرا أهميته.
- التقليد والقدوة:
ومع تعلمها للكلام، بدأت -ابنتي الكبرى على سبيل المثال- تحفظ بعض السور والآيات التي كنت أقرأها دومًا أمامها مثل المعوذتين والإخلاص والفاتحة. وكنت أتعمد أن أقرأ في الصلوات الجهرية بقصار السور عندما تكون بالقرب مني، وكنت أجدها تنتبه إليّ، وبما أن الصغار يحبون التقليد ويجدون في أمهاتهم (وهنّ الأقرب لهنّ) القدوة، فكانت تحب أن تقلدني، وبدأت تحفظ العديد من السور القصيرة دون تدخل مباشر مني، فقط لأنها كانت تسمعني أقرأ بها في الصلوات.
- استغلال المواقف اليومية:
وقد كنت أقوم بربط أي موقف نمر به بآية من آيات القرآن وأخبرها أنه هذا الأمر ذكره الله تعالى في القرآن، بدأت تدرك وتستشعر أهمية القرآن وكونه منهج حياة (كيف ذلك؟ انظري برنامج حياة قرآنية للطفل بأسفل هذا المقال)، وهنا بدأت معها في الحفظ المنهجي -وكانت في الثالثة من عمرها أو أكبر بقليل- وكنت أشرح لها معاني السور بما يتناسب مع عمرها. والتطبيق الذي كنت أستعين به لشرح المعاني هو (تطبيق آية).
- تطبيق آية:
وهو تطبيق للأجهزة المحمولة، يوجد به تفسير مختصر وميسر للقرآن الكريم. كل آية وتحتها تفسيرها، بالإضافة إلى الميزات الأخرى في التطبيق؛ مثل التلاوة بأصوات عدة شيوخ يمكن الاختيار من بينهم، وإمكانية تكرار الآية عدة مرات، وإمكانية تكرار السورة كاملة عدة مرات، أو تكرار عدة آيات محددة لعدة مرات، وبه ميزات أخرى. وقد أفادني هذه التطبيق كثيرًا -سواء لنفسي أو لصغيراتي- في الحفظ وفي التفسير أيضًا، وما يزال مستمرًا معنا في رحلتنا مع القرآن. فجزى الله خيرًا من قام بتصميمه. يمكن تنزيل التطبيق من المتجر عن طريق البحث، وصورته كالتالي:
- اعتمدت على التطبيق السابق فقط في الشرح والتفسير، بالإضافة للطريقة التقليدية في الحفظ وهي الترديد والتكرار. نفعل ذلك كل يوم (وخاصة أثناء وقت تمشيط الشعر.. لكي يمر بسلام :) ) ولمدة قصيرة 10 دقائق أو أقل، ولكن المداومة هي الأهم وهي التي تأتي بالنتيجة المرجوة إن شاء الله تعالى.
- أوراق متابعة الحفظ والمراجعة:
في تلك المراحل الأولى من الحفظ، أذكر أنني كنت قد رسمت لها قلبًا وكتبت فوقه (قلب جنى)، وأخبرتها أننا كلما نحفظ سورة من سور القرآن، نكتب اسمها داخل القلب ليمتلئ قلب جنى بالقرآن. وبعدها استخدمنا قلبًا مطبوعًا وكانت تلونه، واستخدمنا أيضًا شجرة الحفظ وكانت تلونها كلما تحفظ سورة جديدة، واستخدمنا نفس الطريقة لمراجعة السور.
- جهاز صوتي لتلاوة القرآن:
من الأدوات التي استخدمتها أيضًا في التحفيظ وفي تكرار السور: جهاز لوحي يباع بالمكتبات وعليه سور العشر الأخير من القرآن ويمكن تكرار الآية والسورة، وهو متوفر بأشكال متنوعة في المكتبات الكبرى وعلى مواقع التسوق. وبه أنواع فيها القرآن كاملًا أو نصفه أو ربعه أو العشر الأخير أو جزء عمَّ فقط.
- المصادر التالية لم أستخدمها في بداية رحلتنا في الحفظ، ولكني استخدمت بعضها في وقتٍ لاحق. كما أنني لم أقتنيها كلها مرة واحدة، وإنما على مراحل عدة، وأستخدمها بما يتناسب مع السورة التي نحفظها.
- تطبيق (عدنان معلم القرآن):
وهو من التطبيقات الجميلة الهادفة التي تساعد على تحفيظ الأطفال القرآن بطريقة تفاعلية عن طريق الترديد خلف القارئ، هذا بالإضافة إلى بعض الأذكار. متوفر على التطبيق جزء عمَّ فقط لأجهزة الأندرويد، ومتوفر جزء عم وتبارك وقد سمع والذاريات لأجهزة iOS. لزيارة موقع التطبيق (مـــــــن هــــــــنــــــــا). ويمكن تنزيله مجانًا من متجر التطبيقات بالبحث عن اسم التطبيق في مربع البحث داخل المتجر.
- حلقات (سعود وسارة في روضة القرآن):
وهي حلقات كرتونية أبطالها عائلة مكونة من أم وأب وطفليهما سعود وسارة، حيث يعرض المسلسل مواقف يتعرض لها الطفلان، ثم يقوم الأب والأم بشرح إحدى سور جزء عمَّ والاستماع إلى تلاوتها والترديد خلف صوت الشيخ.
الحلقات جميلة وتفسر المعاني بطريقة ميسرة تناسب الأطفال، وهي موجودة على اليوتيوب (مــــــن هـــــــنــــــــــا).
- مطبوعات الحفظ والتفسير من مدونة رياض الجنة:
ذكرت في تدوينة سابقة (مـــــن هــــــنـــــــا) أهم ثلاث مدونات إسلامية، ومن ضمنها (مدونة رياض الجنة). وعلى المدونة قسم خاص بأوراق عمل لحفظ وتفسير سور جزء عمَّ، ويتم إضافة المزيد إليها بشكل دوري. يمكنكم الحصول على تلك الأوراق بشكل مجاني تمامًا (مـــــن هــــــــنــــــــــا).
- كتاب التذوق القرآني للأطفال:
وهو كتاب ورقي من إصدار مركز دلائل ومن إعداد مركز آيات، وفيه تفسير لبعض سور جزء عمَّ مع أنشطة عملية وتفاعلية ونصائح لشرح وتفسير السور. وهي كتاب جيد، ولكنه يحتاج إلى عمر أكبر (يمكنه القراءة) للتفاعل مع الكتاب بالشكل الصحيح، ولكن يمكن للأم الستعانة به وبالأفكار الموجودة فيه. الكتاب متوفر في معظم المكتبات ومتوفر أونلاين عبر صفحة المركز على الفيسبوك. ويمكنكم الاطلاع على مراجعة عن الكتاب وصور من الداخل (مـــــــن هـــــــنـــــــــا).
- كتاب حكايات فرحان مع القرآن:
وهو كتاب ورقي من إصدار مركز إبصار، وفيه حكايات لمواقف يمر بها طفل صغير اسمه فرحان، ويتم ربط سور جزء عمَّ بهذه المواقف، مع شرح ميسر لمعانيها. الكتاب جميل وممتع وميسر، وهو مناسب للقراءة الجهرية من الأم لطفلها الصغير، أو للقراءة المستقلة من الطفل فوق 7 سنوات. ويمكنكم الاطلاع على مراجعة عن الكتاب وصور من الداخل (مـــــــن هـــــــنـــــــــا).
- التجويد:
من أهم ما يجب الاعتناء به في حفظ القرآن الكريم هو الحفظ بالتجويد، ولكننا نجد -مع ذلك- من يهتم بالحفظ فقط دون الاهتمام بتصحيح التلاوة وتجويد القرآن، فيكون كمن يقرأ صحيفة أو كتابًا. وهذا لا يجوز مع كلام الله سبحانه وتعالى، بل يجب العناية بالتجويد بقدر العناية بالحفظ بل أكثر. والطفل بالبداية يتعلم القراءة الصحيحة عن طريق التلقين والترديد وراء من يتقن التلاوة، ثم بعد ذلك يمكنه تعلم الأحكام.
- حلقات كرتون (حكاية التجويد للأطفال):
وهي مجموعة من الحلقات بالرسوم الكرتونية يصحبنا فيها المعلم ذكوان ليحكي حكايته عندما كان طفلًا مع الشيخ الوقور (تجويد) ورحلته في مدينة التجويد. الحلقات كانت تُعرض على قناة سمسم للأطفال، وهي متوفرة على اليوتيوب من خلال (هـــــــذا الــــرابــــــط).
- حلقات كرتون (عدنان وتجويد القرآن):
وهي حلقات برسوم كرتونية لتعليم أحكام التجويد للصغار موجودة على موقع إسلام ويب بقسم (بنين وبنات) وتجدونها (مــــــــن هــــــنـــــــا) في قسم القرآن تحت عنوان (أنشطة تفاعلية).
- برنامج حياة قرآنية للطفل:
وهو برنامج عملي لربط الطفل بالقرآن الكريم من خلال أنشطة تدبرية تفاعلية، وقد أقيم البرنامج في رمضان الماضي، لكن لا يزال بالإمكان الاطلاع على محتوى الدروس والأنشطة على قناة التليجرام الخاصة به (مـــــن هـــــــنــــــــــا).
- أوراق لتدبر كلمات من القرآن:
وهي مجموعة أوراق مجانية من مدونة رياض الجنة لتدبر 30 كلمة من كلمات القرآن الكريم مصحوبة بأنشطة جميلة، وفيها يحفظ الطفل الآية التي وردت بها تلك الكلمة ويتعرف على المواضع الأخرى التي وردت بها تلك الكلمة، ويمكن استخدام الأوراق بعدة طرق والتوسع في التفسير والشرح. وقد استخدمت تلك الأوراق المميزة من قبل، وتجدون المواضيع المختلفة بتدبر كلمات مثل (الفُلك) و (الإبل) بشكل مستفيض (هـــــنـــــا) و (هـــــنــــــا). ويمكن تنزيل هذه الأوراق الخاصة بالتدبر (مــــــن هـــــنـــــا).
- أسئلة عن القرآن الكريم:
من ضمن أنشطة ربط أطفالي بالقرآن والتي نقوم بها بشكل يومي تقريبًا هي أنه وفي أثناء تناولنا لطعام الغداء أو العشاء، نستمع إلى تلاوة القرآن على التلفاز على قناة القرآن الكريم، فأسألهما أسئلة عن السورة التى تتلى أو عن معانيها أو عن سور مثلها وهكذا.
وأيضًا أقوم بكتابة سؤال يومي لابنتي الكبري عن القرآن لتمسك بالمصحف وتبحث فيه، وأسميه سؤال التحدي لهذا اليوم. وأكتب لها مثلا: اذكري أسماء السور التي سميت على أسماء أنبياء. فتحاول استذكار ما تعرفه ثم تفتح المصحف وتبدأ بالبحث إلى أن تعثر عليهم. وسؤال آخر: السور التي تبدأ بـ (الحمد لله). وسؤال آخر: السور في جزء عمَّ التي تبدأ بــ (ألم)... وهكذا من مثل نوعية تلك الأسئلة التي تشجع الطفل على البحث وفتح المصحف ومحاولة استذكار أسماء السور. وتجد ابنتي متعة كبيرة في التأمل في آيات المصحف بعد ذلك وفي أسماء السور.
- الاحتفال بالإنجاز:
من الجميل أن يتم تشجيع الطفل على الحفظ وتحفيزه من خلال عمل حفل صغير عندما ينهي حفظ بعض السور أو الأجزاء، وتسليمه شهادات تقدير عليها اسمه لتشجعه على المواصلة والاجتهاد أكثر فأكثر. ويمكنكم الحصول على شهادات التقدير من المكتبة أو تنزيلها بشكل مجاني من مدونة رياض الجنة من (هــــــذا الـــــرابـــــــط).
- تفاسير مخصصة للأطفال:
هناك العديد من التفاسير الميسرة المخصصة للأطفال والتي بذل فيها مؤلفها جهدًا لا يخفى، ولكني لم أستخدم أيًا من تلك التفاسير وخصوصًا المصورة منها، لأنها تحتوي على بعض الصور التي تصور أمورًا غيبية لا يجوز رسمها ولا تصويرها، لذا تجنبت تلك التفاسير خصوصًا في السن الصغير.
وقد اقتنيت مجموعة كتب من دار الحافظ بعناوين
(أنا جزء ... فتعلموا مني العبر)
لكني لم أشترِ الجزء الخاص بجزء عمَّ.
تفسير القرآن الكريم للأطفال
من إصدار دار الصحابة
وإعداد الشيخ مجدي فتحي السيد
ومراجعة عدد من الأساتذة الأجلاء من جامعة الأزهر
وتقديم فضيلتي:
الشيح أحمد عيسى المعصراوي، والشيخ مصطفى العدوي
خلاصة الكلام: تفسير لا غنى عنه في بيت كل مسلم
تفسير ميسر سهل وسلس، ومناسب للأطفال والكبار أيضًا.. ومنذ أن اشتريته، نعتمد عليه اعتمادًا كاملًا في شرح الآيات التي نحفظها.
وتجدون مزيدًا من التفاصيل عنه في (هـــذا المــنــشــور)
ويمكنكم الاطلاع على أسماء لكتب أخرى لتفسير القرآن للأطفال
- تحذير:
الخرائط الذهنية المرسومة للأطفال: وهي رسوم توضيحية منتشرة على الإنترنت والفيسبوك عبارة عن خرائط بها رسومات لآيات وكلمات القرآن، ويزعم أصحابها أنها تهدف لتيسير الحفظ والفهم للأطفال، ولكنها تحتوي على الكثير من الرسوم التي لا تجوز، ويمكن الاطلاع على الفتوى الخاصة بذلك (مــــــــن هــــــــنـــــــــا).
- أفكار أخرى متنوعة:
يمكنكم الاطلاع أيضًا على مجموعة من الأفكار الأخرى والمطبوعات والبرامج المحفزة والوسائل العملية لاستخدامها في تحفيظ وتفسير القرآن للصغار من خلال زيارة مقال عن ذلك على مدونة رياض الجنة (مــــــــن هــــــــنـــــــــا).
إلى هنا تنتهي هذه التدوينة، أسأل الله أن ينفع بها كل من يقرأها ويطبق ما فيها، وأن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل، وأن يرزقني وإياكم وجميع المسلمين حفظ القرآن وتدبره وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار~
