نوبات الغضب التي تصيب أطفالنا فجأة تكون مزعجة لنا ولهم وينتج عنها الكثير من التصرفات السيئة والمزعجة وغير اللطيفة.
صغيرتي (جـودي) كثيرًا ما تنتابها تلك النوبات على الرغم من أنها لطيفة وطيبة القلب، ولكنها عندما تثور تصدر منها تصرفات مزعجة تندم عليها لاحقًا وتعتذر.
في نوبة الغضب الأخيرة ثارت على أختها الكبرى، ثم ما لبثت أن هدأت واعتذرت منها بأن صنعت لها هذا العمل الفني وأرفقته برسالة اعتذار وتعبير عن الحب (في الصور أدناه).
قلت لهم: ما رأيكم أن نقرأ هذه القصة بمناسبة ما حدث؟ (قرؤوها بمفردهم قبل ذلك مرات عديدة، ويحبون كل قصص هذه السلسلة).
الـقــصــة:
تحكي عن نمرٍ صغير يلتحق بالمدرسة لكنه دائمًا ما يثور ويستشيط غضبًا لأسباب بسيطة جدًا وغير مقصودة ممن حوله.. لا يتمكن أبدًا من السيطرة على غضبه، وبالتالي تصدر منه تصرفات سيئة ومزعجة تجعل الآخرين يخافون منه ويبتعدون عنه.
يتعامل الأستاذ (نسر) مع المواقف كلها التي تصدر من النمر بحكمة وعقلانية وبأسلوب متدرج إلى أن يجعله يستشعر في النهاية مدى سوء أفعاله عندما يكون غاضبًا، ويتعلم بذلك الاعتذار وتصحيح الخطأ والتحكم في غضبه وأفعاله في النهاية.
عن القصة:
- المواقف في القصة تشبه كثيرًا المواقف التي يتعرض لها الصغار، وكذلك ردود فعل النمر الصغير تطابق تمامًا ردود فعل الصغار عندما تجتاحهم نوبات الغضب (يركلون الأرض بأقدامهم/ يضربون الهواء بأيديهم/ يلقون بالأغراض على الأرض/ يصرخون/ يخطفون الأغراض من الآخرين/ يتعمدون مضايقة الآخرين/ يتمرغون في الأرض/ قد يضربون الآخرين... إلخ)
- يعالج الكتاب مشكلة نوبات الغضب من الناحيتين (ناحية الصغار/ وناحية الكبار) وهذا ما يميز الكتاب في وجهة نظري؛ فهو لا يتعامل مع المشكلة من طرف واحد فقط ويوجه النصائح إليه هو فقط، بل يوجه النصائح لكلا الطرفين، فيتعلم الصغار والكبار معًا كيفية التعامل مع المشكلة..
- لا يعرض الكتاب النصائح وطريقة التعامل مع المشكلة بأسلوب مباشر، وإنما بين ثنايا القصة وأحداثها مع تمييز أهم الكلمات (الحلول) بلون أحمر أكثر سماكة من بقية الكلمات.
- نجد أن الأستاذ (نسر) تعامل مع تصرفات النمر الصغير بأسلوب متدرج.. في البداية (تجاهل تصرفاته) على أمل أنه سيكف عنها، ثم (أبعده) عن مكان المشكلة ليهدأ، ثم (عاقبه بحرمانه من اللعب)، ثم توجه إلى (نصحه بحزم وتحذير)، وأخيرًا (تناقش معه) في تصرفاته وطلب منه أن يأخذ نفسًا عميقًا (ويتفكر) في مآلات ما فعله وفي عواقب تصرفاته المزعجة السيئة بسبب غضبه غير المبرر، وبعدها أدرك النمر خطأه (فندم) على ما فعل (واعتذر) من أصدقائه، وقرر (تصحيح) ما ارتكبه من أخطاء، و(عزم) على التحكم في غضبه وعدم العودة إلى الغضب مرة أخرى.
النقاش حول القصة:
- القصة ممتعة جدًا، ومضحكة أيضًا في نفس الوقت لأنها تُذكّرنا بأفعالهم الغريبة ومواقفهم في الغضب وافتعال المشكلات لأتفه الأسباب مثل النمر الصغير الذي غضب مثلا لأن أحدهم كان يسير في نفس الطريق الذي يسير فيه ^ـــ^
وهذا مثلما يحدث دائمًا معنًا (على سبيل المثال: الصغيرة جودي عندها أنشودة مفضلة كانت مخصصة لحلقتها في دار التحفيظ وفي الحفل الخاص بحلقتها، وعندما تسمع أختها الكبرى تُنشد هذه الأنشودة تتشاجر معها وتغضب وتثور وتطلب منها ألا تنشدها أبدًا لأنها أنشودتها (هي فقط).. وطبعًا الأخت الكبرى "العاقلة" تخبرها أن الأنشودة للجميع.. ونبدأ العراك )
- تناقشنا في كل موقف على حدة -على سبيل المثال-:
* غضب النمر الصغير لأن أحدهم جلس على كرسيه المفضل (عندنا نفس الموقف بالضبط).. قالت الصغيرة: أحب الكرسي المفضل عندي ولا أحب أن يجلس عليه أحد ولا أحب أن أجلس على كرسي آخر>> قلت لها: هذا التصرف اختلاق لمشكلة ليست بمشكلة أصلًا.. يعني الكرسي ما وظيفته؟ قالت: للجلوس عليه.. قلت: هل تختلف وظيفته إن كان لونه أحمر أو أخضر أو برتقاليًا؟ ضحكت وقالت: لا.. قلت: صحيح، ولذلك لا مشكلة إن جلس أحدهم على الكرسي المفضل عندي وجلست أنا على كرسي آخر طالما أنه سيؤدي نفس الوظيفة فالمسلم (سهلٌ هيّنٌ لينّ)
===================
- طرق وكيفية التعامل مع الغضب بالتوجيهات النبوية (لأن القصة بالأصل مترجمة ولذا ليس فيها أي إشارة لكيفية التعامل من الناحية الدينية):
* ذكرت الصغيرة حديث النبي صلى الله عليه وسلم ووصيته للرجل بأن قال: "لا تعضب" >> تناقشنا حول هذه الوصية النبوية، وبأن الغضب قد يدفع صاحبه بالتلفظ بأشياء قد تخرجه من الدين، أو قد تجعله يتصرف تصرفات قد يندم عليها حيث لا ينفع الندم (ذكرت لهم أن هناك من غضب من شخص فتشاجرا فقتل أحدهما الآخر أو تسبب له بعاهة مستديمة)، ولذا كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم ألا نغضب.
* أما الكبيرة فذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصُرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، وشرحت لنا معناه بأن الشخص القوي هو الذي يتمكن من كظم غيظه وغضبه ويمنع نفسه من التصرف بفظاظة أو عدوانية نتيجة غضبه.
* الاستعاذة من الشيطان الرجيم عند الغضب، والسكوت، وأن من صفات المتقين كظم الغيظ، والوضوء لتهدئة ثورة الغضب، والجلوس أو الاضطجاع عند الغضب كي لا يتصرف المرء تصرفات خطيرة بأن يضرب أحدهم أو يبطش به)
* علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغضب لنفسه ولا لشيء إلا أن تُنتهك حرمات الله فكان يغضب لذلك فقط؛ ولذا فالغضب لا يكون لأتفه الأسباب وإنما الغضب يكون لله في الأمور العظيمة
- تناقشنا أيضًا حول الحلول في كل موقف من المواقف التي مرت علينا في القصة، وكيف كان النمر ليتصرف بطريقة صحيحة بدلًا من الغضب والقيام بأفعال سيئة:
الكرسي > أي كرسي مناسب للجلوس
الطريق > مخصص لجميع وليس لي وحدي
الطعام > إما الطلب بطريقة مهذبة أو أكل القليل أو الاعتذار عن تناول الطعام
الألوان > الطلب بلطف والانتظار إلى حين انتهاء الآخرين
قراءة الكتاب > المشاركة مع الآخرين (وهذا ما حدث في نهاية القصة بالفعل).. اقترحوا أيضًا أن يبحث عن كتاب آخر عن نفس الموضوع.. أو ينتظر لحين انتهاء الآخرين منه.. إلخ
==================
لم أتصور أني سأكتب كل هذا الكلام عن هذه القصة.. لكننا فعلًا استمتعنا جدًا بالنقاش حولها وتأمل المواقف واقتراح الحلول..
عدد صفحات القصة: 27 صفحة
النص كله بالتشكيل، والورق من النوع الفاخر اللامع الأملس
الرسوم جميلة ومعبرة
في نهاية الكتاب: صفحتان (ملاحظات حول مشاركة هذا الكتاب)
وفيهما أفكار حول كيفية استخدام الكتاب مع الصغار وكيفية الاستفادة منه، وتعليمات للأهل قبل قراءة الكتاب مع الأطفال، وأسئلة مقترحة لطرحها على الأطفال بعد الانتهاء من القراءة
==================
النمر ونوبات الغضب.. كتاب عن الشعور بالغضب
سلسلة (سلوكيات هامة)
تأليف: سو جريفز
رسوم: تريفور دنتون
النسخة العربية إصدار: دار رحيق الكتب
ترجمة: محمد عادل صالح
تحرير: شهاب سلطان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق