أبو الفصاد والساعة - قصة عن هجرة الطيور وتعلم الوقت


في ورشة الحكي مع الأطفالِ بالحديقة، أحبُّ أن ألفتَ نظرهم دائمًا إلى مراقبةِ الطبيعةِ والمخلوقات من حولهم.
وجدتهم -ذات مرة- يشيرون إلى السماء، وإلى سربٍ كبيرٍ من الطيور يحلق عاليًا، ويبدو أنهم قد وصلوا توًا قادمين من الشمال إلى بلادنا حيث يقضون فصل الشتاء في الأجواء الدافئة قبل أن يعودوا مرة أخرى إلى مواطنهم في شمال الكوكب.

 
ومن لحظتها، قررت أن تكون قصة (أبو الفصاد والساعة) القصة التي أقرؤها لهم في المرة التالية.

وجاء اليوم المنتظر لنمضي مع القصة أوقاتًا مليئة بالمرح والتعلم والاستكشاف.

          عــن الـقـصــة:          

تبدأ القصة بالطائر أبي الفصاد الذي يتسلم رسالة من قائد السرب يُعلمه فيها بموعد انطلاق موسم الهجرة في السادسة تمامًا، مع (ساعة مضبوطة) ليعرف منها الوقت ولا يتأخر كما حدث العام الماضي.

 
ينطلق صديقنا أبو الفصاد في رحلة الوصول إلى مكان التجمع ويمر على العديد من البلدان، ويتعلم كيف يقرأ الساعة في الوقت المناسب، ونتعرف معه على ميزات كل دولة من الدول التي يمر عليها وبما تشتهر، ونتعرف كذلك على أشهر ما تتميز به الدولة التي سيهاجر إليها.


        حـــول الــقــصــة:         

القصة عبارة عن مغامرة جغرافية وثقافية ممتعة، تجول بنا بين البلدان الأوروبية التي يمر عليها أبو الفصاد ليودع أهلها قبل الهجرة إلى الجنوب.
 
لا يخبرنا السرد بأسماء تلك الدول التي يمر عليها أبو الفصاد.. فلن تجد شيئًا مكتوبًا في القصة يقول: (وصل أبو الفصاد إلى دولة السويد التي تتميز بكذا وكذا)
إذن.. فكيف نعرف أسماء هذه الدول التي مر عليها؟
نعرفها من خلال التلميحات الموجودة في الكلمات أو الرسوم الجميلة المعبرة.

لنأخذ مثالًا على ذلك:
وصل أبو الفصاد إلى بلدٍ، وفتحت له إحدى الفتيات الباب وقالت:
"تفضل معنا، تناول الشاي وكعكعة القرفة".
وهنا نتساءل:
تُرى ما هي الدولة المشهورة بكعكة القرفة أو لفافة القرفة أو (السينابون مجازًا)؟

 
ومن خلال الرسوم أيضًا نلاحظ أن الأشخاص الذي يقابلهم أبو الفصاد في كل دولة يرتدون (الزي والملابس التقليدية) التي تشتهر بها تلك الدولة.
 
لكن هل تُركت هذه المعلومات لتخمينات القارئ ولبحثه الخاص فحسب؟
فلربما لا يعرف كيف يبحث، أو لا يصل إلى الإجابة الصحيحة.
وهنا يأتي دور الغلاف الداخلي الخلفي للقصة، الذي تظهر فيه تلك الرموز التي ذُكرت بالقصة مع اسم الدولة تحتها أو بجوارها.
وبذلك تكون بمثابة مفتاح للحل ينطلق منه القارئ ليبحث أكثر وأكثر عن تلك الدولة وعلاقة الرمز بها.


              النقاش والأنشطة حول القصة:                
 
صحيح أن المغزى الظاهر من القصة (تعلم الساعة وقراءة الوقت)، لكنها تُخبئ بين كلماتها ورسومها العديد والعديد من المعارف.
فكما قلت لكم: القصة مغامرة جميلة وقيّمة ومثمرة وتقدم للطفل الكثير من الجوانب المعرفية في شتى المجالات:

- البداية كانت مع (أبو الفصاد) نفسه، ولحسن الحظ، فهو طائر منتشر هنا في الحدائق ويتجول حولنا كثيرًا، فطلبت منهم مراقبته وتأمله قبل أن أحكي لهم القصة، وقلت لهم لديكم الوقت حتى نبدأ القصة لتتأملوه جيدًا وتخبروني عندما نبدأ بما لاحظتموه.

 
- أبو الفصاد طائر صغير الحجم.. له ذيل طويل نوعًا ما أطول من جسمه، لونه أبيض رمادي مع بقعة سوداء أسفل المنقار على الرقبة (هذا اللون الشائع والمنتشر عندنا بالحديقة، ولكن منه ألوان أخرى)..
يطير بطريقة متموجة، ويقف على الأرض لالتقاط طعامه ويحرك ذيله لأعلى وأسفل باستمرار أثناء الوقوف ولذا فهو يُسمى بـ(هزاز الذيل)، كما أنه يخاف كثيرًا ويشعر بالذعر ويُسمى لذلك في بعض الدول (الذعرة).

 
- تعلم الوقت وقراءة الساعة:

القصة مناسبة جدًا لترافق الأطفال في مرحلة تعلم قراءة الساعة (وخاصة الساعة بالعقارب) فالساعات الرقمية سهلة، لكن التحدي يكمن في معرفة قراءة الساعة بالعقارب.

كنت قد صممت سابقًا بعض البطاقات المجانية لمساعدة الأطفال على التدرب على قراءة الساعة بالعقارب، وتجدونها مجانًا للتحميل والطباعة

مــن >> (هـــنــــا) <<

- التعلم عن أهمية الوقت، وأهمية الالتزام بالمواعيد واحترامها وعدم التأخر، وتحدثنا عن الاحتمالات التي قد تحدث إذا تأخر أبو الفصاد عن الوصول في الوقت المحدد، والمخاطر التي ستواجهه إن لم يلحق بالركب في الوقت المناسب.

 
- التعلم عن حسن استغلال الوقت فيما ينفع، وسألتهم عن الأحاديث النبوية والحكم والمقولات التي توضح أهمية الوقت والعمر (الوقت كالسيف؛ إن لم تقطعه قطعك)، وحديث: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه...".

 
- التعلم عن اختراع الساعات وتطورها على مدى الأزمان

واستخدمت كتابًا مساعدًا من إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب اسمه (كم الساعة الآن؟) كتاب رائع جدًا>> ومن خلاله تعرفنا على تطور الساعات بداية من الساعة الشمسية، والمسلات المصرية القديمة، والساعة المائية والرملية، وساعات الشموع والساعة ذات البندول، وساعات الجيب، وساعات اليد، ووصولًا إلى الساعات الرقمية في عصرنا الحالي.

 
- ومن خلاله أيضًا تعرفنا على مدى عظمة وتقدم العلوم في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية من خلال التعرف على ساعة (هارون الرشيد) التي أهداها لملك الإفرنج، وساعة (الفيل) التي ابتكرها الجزري >> وهي ساعات عجيبة متقنة الصنع ومعقدة، وكانت تعمل بطرق مدهشة للغاية.


 
- أشهر أبراج الساعات حول العالم>> مذكورة في الكتاب، والجميع يعرف بالطبع برج الساعة بمكة وكلهم زاروه بفضل الله.
 
- التعرف على الدول التي ذُكرت في القصة، وموقعها على الخريطة، وعواصمها، وأهم ما تشتهر به، والزي التقليدي المعروف فيها.
 
- التعرف على أهم ما تتميز به (مصر)>> فهي الدولة التي سيهاجر إليها أبو الفصاد، وقد ذُكرت بالقصة 4 أشياء تدل على مصر بالإضافة إلى طبق الملوخية الشهير الذي تناوله أبو الفصاد مع صديقته المصرية عندما وصل.

مشاكسات الأطفال:

يبهرونني دائمًا بأسئلتهم التي لا تخطر على بال ^ـــــ^
 
- أسماء الشخصيات في الدول الأجنبية أجنبية>> أنطونيا/ آرثر/ ألبرت.. إلخ >> فقالوا ما هذه الأسماء الغريبة؟ قلت لهم: يعني ناس في دول أجنبية ماذا تتوقعون أن تكون أسماءهم؟!

 - قالوا: أبو الفصاد يخاف ويشعر بالذعر>> فكيف يقابل كل هؤلاء الأشخاص ولا يخاف منهم ويجلس ويأكل معهم؟
قلت لهم: يمكن هو مختلف عن باقي جنسه ولذلك استحق أن تكون هناك قصة ويكون هو بطلها.

- قالوا عن الموعد في السادسة: السادسة صباحًا أم مساءً؟
قلت لهم: برأيكم ما الأنسب؟
قالوا: أكيد صباحًا لأن الطيور نشيطة وتستيقظ من الصباح الباكر
 
قالوا عن آخر رسمة بالقصة وفيها يظهر أبو الفصاد يجلس على الطاولة مع العائلة:
لماذا جزء منه شفاف (يقصدون أنه غير ملون)؟
قلت لهم: هذا أسلوب الرسم والتلوين المستخدم في القصة
 
وسألتهم بالطبع الكثير من الأسئلة عن رسوم القصة وتفاصيلها، وعن الساعة بالأرقام الرومانية والتي ظهرت في إحدى صفحات القصة.

 
وبالأخير>> رسموا في فقرة الأنشطة بالرسم ما تعلموه من القصة وما أحبوه من أنواع الساعات


بعضهم رسم برج الساعة لأنه يحبه، وبعضهم أعجبته ساعة الشمعة، وبعضهم أُغرم بالساعة ذات البندول وقال إنه يتمنى اقتناء واحدة مثلها.

 

وأنا رسمت سريعًا رسمًا يحاكي أول مشهد من مشاهد القصة ^ــــــ^


القصة رائعة والورشة مع الأطفال كانت ممتعة جدًا مع كل هذا الكم من المعارف والدمج بينها
قصة واحدة تفتح آفاقًا معرفية كثيرة أمام الأطفال ويتعلمون من خلالها ما قد يستغرقون شهورًا وسنوات لمعرفته..
وهذا هو المفعول العجيب الذي تفعله الكلمات البسيطة والرسوم الخلابة مع الأسلوب السهل الممتنع الذي يتمكن من فتح قلوب وعقول الأطفال في آنٍ واحد..

هكذا هي دائمًا قصص دار (عالية)>> تعرف كيف تجذب الأطفال وكيف تحببهم في القراءة
وليس في القراءة فقط>> بل تفتح لهم الباب ليبحثوا ويتأملوا ويكتشفوا ويستعملوا كافة حواسهم للتعرف على هذا العالم الجميل من حولهم.

وكالعادة>> أثرثر كثيرًا كلما كتب عن قصص دار عالية ^ــــــ^
ولكنني اختصرت قدر الإمكان وحاولت أن أكتب ما قد يُفيدكم في كيفية استغلال القصة بشكل كبير.


أبو الفصاد والساعة
عدد الصفحات: ٢٦ صفحة، والنص بالتشكيل

تأليف/ لميس خديجة عسلي
رسوم/ هيام صفوت
إصدار/ دار عالية

ومتوفرة على تطبيق (مكتبة نوري) لقصص وكتب الأطفال


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق